بسم الله الرحمن الرحيم
ابتدأت سلسلة مقالات مدة ثلاثين يومًا، أنشر مقالًا على منصة العصفور الأزرق Twitter ثم أنشره هنا في الموقع، سيكون مقالا مختصرًا قصيرًا ليس كما اعتدته هاهنا مفصلًا، وقد أزيد عليه عند نقله وقد لا أزيد، وكل مقال إن شاء الله سأفصله بعد الفراغ من رحلة الثلاثين يومًا.
أبلغت علمًا فأحطت بلمَ اعتُمِدَ النظام الثنائي Binary System في عالم الحواسيب؟ أوما تفكرت في ذلك؟
دونك الأسباب:
١. يُسرُ تشييدِ الأجهزة: حالتان لا ثالث لهما، 0 و1، فهانَ تَمثيلُهُما في الأجهزةِ البرقية electrical devices: فالصِفر يتجلّى في خُفوتِ الجهد low voltage، والواحد يتبدّى في صعقِهِ وارتفاعه high voltage.
٢. نقاءُ الإشارة وصفاءُ البَثِّ: ما أيسر التفريق بين حالتين في الدوائر البرقية electrical circuits (جهدٌ خافتٌ وآخر صاعقٌ)، إذا ما قِيسَ بثلاث حالاتٍ أو ما زاد في سائر أنظمة العد. ولو كَثُرَتِ الحالات، لأفضت أدنى الهنوات إلى خللٍ في القراءة.
٣. أضحت بواباتُ المنطق الرقمية (كالجامِعةِ والفارِقةِ والنافِيَة) هينة البناء: فغدا تشييدُ المُعالجاتِ سهلَ المنال، يسيرَ المرام.
٤. سلامةُ الكشف عن زيغِ البِتّات: في النظام الثنائي، يسهلُ تبيُّن الخطأ إذا انقلب البِتُّ عن وجهه، وقد ابتكر أهلُ الصنعة أساليبَ مُحكَمةً كبِتِّ التَّكافُؤِ والتَّوقيعاتِ المُراجِعةِ Checksums، تكشفُ ما شابَ البِتَّ مِن عَطَبٍ في مَسيرِهِ.
٥. إرثُ الأوّلينَ وحِكمةُ السّابِقين: سارَ أربابُ الصَّنعةِ الأوائِلُ على دَربِ النظام الثنائي لِما رأوا فيهِ مِن يُسرٍ وثَبات، واتَّخَذَت الحَواسيبُ الأولى مِن هذا النَّهجِ سَبيلاً لا تَحيدُ عَنهُ.
٦. تَناغُمُ الجَبرِ البوليني: يتسِقُ النظام الثنائي مَع جَبرِ بول اتِّساقَ النَّظمِ مَع قَوافيها، فَلا تَجِدُ فيهِ إلّا الصِّدقَ True والكَذِبَ False، فَغَدا هذا النِّظامُ أقرَبَ إلى طَبيعةِ هذا العِلمِ مِن سائِرِ الأنظِمةِ.
٧. مَيسَرةُ التَّطبيقِ في المَفاتيحِ الدَّقيقة: تُشَيَّدُ المُعالِجاتُ الحَديثةُ بألوف مؤلفة من المَفاتيحِ الدَّقيقةِ، نَسمِيها التِّرانزِستورات transistor، وكُلُّ مِفتاحٍ مِنها إمّا مَفتوحٌ أو مُغلَقٌ، كَما النظام الثنائي: إمّا صِفر أو واحد. وبِهذا التَّناغُمِ البَديعِ، تَتَحقَّقُ نُبوءةُ مور في تَضاؤُلِ حَجمِ المَفاتيحِ وتَكاثُرِ أعدادِها.
فَلِهذا كُلِّهِ، كان النظام الثنائي أنسب ما اهتدت إليه العقول في صنعة الحواسيب. فسهولته وثباته وكفاءته جعلته يتربع على عرش الأنظمة. ولئن كان في الإمكان نظريًا استعمال غيره كالنظام الثلاثي، إلا أن ما يجلبه ذلك من تعقيداتٍ في التصميم واكتشاف الأخطاء يجعل الثنائي سيد الميدان.